تأثير إنضمام فلسطين الى منظمة التجارة العالمية WTO وإتفاقيات الملكية الفكرية



تأثير إنضمام فلسطين الى منظمة التجارة العالمية WTO وإتفاقيات الملكية الفكرية

على الاقتصاد الفلسطيني و الصناعات الدوائية

 

أولاً: هل سيكون الانضمام لمنظمة التجارة العالمية مفيد للإقتصاد الفلسطيني بشكل عام؟ أم لا؟

- تعتبر فلسطين ذات موقع استراتيجي في العالم حيث انها تقع على مفترق طرق  التجارة  الدولية، وبالتالي فهي جزء من التجارة العالمية.

- تعتمد فلسطين بشكل كبير على استيراد السلع والخدمات الا انها تعاني بنفس الوقت من عجز كبير في الميزان التجاري، حيث أنها شريان الاقتصاد الفلسطيني.

- إرتباط الاقتصاد الفلسطيني باسرائيل في غلاف جمركي واحد يجعل فلسطين خاضعة بشكل فعلي بمتطلبات منظمة التجارة العالمية ولكنها غير مستفيدة من مميزاتها.

- جميع الدول التي تتعامل بالتبادل التجاري مع فلسطين هم اعضاء في منظمة التجارة العالمية والنظام التجاري العالمي.

- عدم عضوية فلسطين في WTO يؤثر سلبا على مؤسسات الاعمال الفلسطينية حيث انها لا تستفيد من الحقوق الممنوحة وفق المنظمة.

- لا يوجد ما يضمن منح المنتجات الفلسطينية الحق في الوصول الى الاسواق الخارجية.

- اضطرار لجوء الحكومة الفلسطينية الى توقيع اتفاقيات تجارية مع بعض الدول التي تمنح المنتجات الفلسطينية تخفيضاً أو إعفاء من الرسوم الجمركية. كما ان العديد من هذه الاتفاقيات تتضمن أجزاء هامة من قوانين  WTO.

- ان الانضمام الى WTO يعني التقيد الكامل بكافة إلتزاماتها واكتساب جميع الحقوق وذلك ضمن اتفاقيات منظمة التجارة العالمية. اما صفة المراقب فهي عدم التقيد بعد بأية إلتزامات وعدم الحصول بعد على اية حقوق حقيقية.

- من خلال عضوية منظمة التجارة العالمية يمكن للاقتصاد الفلسطيني أن يمارس سلسلة من الإجراءات الحمائية كحماية الصناعات الوطنية الناشئة من خلال الاحتفاظ بحاجز جمركي لذلك، وحماية الاقتصاد من المنافسة غير العادلة والإغراق السلعي.

- للانضمام إلى هذه المنظمة العالمية كخطوة على طريق تحقيق الاستقلال الاقتصادي والسياسي والتخلص من التبعية الاقتصادية وغير الاقتصادية لإسرائيل.

 

ثانياً: ابرز المعيقات التي من شأنها ان تحد من إستفادة الاقتصاد الفلسطيني من أنظمة WTO

- ان طلب التقدم لعضو مراقب في WTO ما زال معلقا ولم يناقش رسميا من قبل الدول الاعضاء وذلك بسبب تحفظ بعض الدول حول الطلب.

- إمكانية لزيادة الانفتاح التجاري نتيجة عضوية منظمة التجارة العالمية الأمر الذي سوف يؤدي إلى قيام منافسة شديدة وربما غير عادلة وهذا سوف يؤثر سلبا على مسيرة بناء اقتصاد إنتاجي قادر على الاندماج مع الخارج.

- الأضرار التي ستطال المزارعين، والمستفيدين من الرسوم الجمركية التي تفرضها إسرائيل على المنتجات الزراعية بنسبة 33%، وعلى منتجات الألبان بنسبة 12%، مما يشكل لهم حماية من المنافسة العالمية.

- فلسطين لن يكون باستطاعتها استخدام آليات منظمة التجارة العالمية لتسوية النزاعات والشكاوي ضد القيود التي تفرضها على التجارة

- ارتفاع أسعار الواردات

- الاقتصاد الفلسطيني في المدى القصير والمتوسط وفي ظل الوضع الاقتصادي القائم لا يستطيع أن يحدث تغيرات  جوهرية في التنويع السلعي للصادرات الفلسطينية، وبالتالي فليس من الممكن توسيع القاعدة الإنتاجية وإنتاج سلع جديدة يكون قادر على اكتساب أسواق خارجية من خلالها.

- الانضمام الى منظمة التجارة العالمية يفرض تحديا كبيرا على السلطة الوطنية الفلسطينية ويلزمها بضرورة الاستعداد الجيد للإقدام على هذه الخطوة، مع ما يتطلبه ذلك من توفير كوادر فنية وقانونية مؤهلة في مجالات الملكية الفكرية.

ثالثاً: هل الانضمام لإتفاقية الملكية الفكرية العالمية مفيد أم مضر للصناعات الدوائية في فلسطين؟ وبأي إتجاه؟

- يختص اعتماد الابتكار الدوائى على البحث العلمى العميق والمتواصل وبالتالي يتمتع الدواء بقيمة مضافة عالية تجعل منه السلعة الأكثر ربحية على الطلاق بين جميع السلع المشروعة. وكذلك السلعة الأهم عند التعامل مع اتفاقية حقوق الملكية الفكرية

- السبب الرئيسي لوضع اتفاقيات الملكية الفكرية يعود إلى التكلفة المالية العالية للبحث العلمي، حيث ترى الدول المتقدمة أنها تنفق على البحث العلمي أموالاً كثيرة جداً، أكثر بكثير مما تنفقه الدول النامية، بل إن حجم اهتمام الدول النامية وإنفاقها على البحث العلمي محدود جداً ولذلك يجب حماية المخترعات والابتكارات العلمية والفكرية

- يجب تحقيق التوازن بين حق الدول النامية في الصحة وحقوق الملكية الفكرية، وذلك بسبب اعتماد الدول المتقدمة في الابتكارات والمكتشفات الدوائية التي ترعاها وتحميها وتستأثر بنتائجها المالية على العقول المهاجرة من الدول النامية، واعتماد الدول المتقدمة في الابتكارات والمكتشفات الدوائية التي ترعاها وتحميها وتستأثر بنتائجها المالية على المواد الخام التي تأخذها من الدول النامية، وضعف الخبرات التقنية والإبداعية القادرة على إنتاج الدواء في الدول النامية.

- الدول المتقدمة تقوم بوضع اتفاقيات الملكية الفكرية بغرض وضع الحماية القانونية التي تكفل لها الاستفادة من نتائج أبحاثها، واسترجاع ما أنفقته عليها، وحظر استغلال نتائج هذه الأبحاث ممن لم يقوموا بدفع ثمن هذا الاستغلال.

- الالتفاف حول مصالح البلدان النامية فيما يتعلق بتطبيق اتفاقية حقوق الملكية الفكرية تريبس، مثل محاولات من الشركات العالمية لاستغلال قرار رئيس الوزراء المصرى بشأن سرية المعلومات الخاصة بالمنتجات الكيميائية الزراعية والصيدلية فى إيقاف إنتاج حوالى مائتى مستحضر دوائى يجرى إنتاجها فى مصر.

- تقوم صناعة الدواء بالاعتماد على الأبحاث research - based industry ، وأن اتفاقية حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالدواء تختص بالتعامل مع حقوق البراءات المتولدة عن أنشطة البحث والتطوير الدوائى، حيث تزخر الاتفاقية بتناقضات ومعوقات يتعاظم إدراكها عند الممارسة تتمثل في فرض فترة عشرين عاماً كحد أدنى لحماية براءات الاختراع حيث يعد أمر غير منطقياً حيث تنتهى دورة حياة المنتج (أو المستحضر) قبل مرور العشرين عاماً بفترات تطول أو تقصر حسب نوع المنتج.

- تعاني الصناعات الدوائية من الصعوبات المتناهية فى تطبيق الترخيص الإجبارى، حيث يعنى حق الترخيص الإجبارى، والمنصوص عليه فى التريبس، أن للدولة أن تمنح الترخيص بإنتاج منتج ما لإحدى الشركات الوطنية، وذلك مادامت فى حاجة إلى هذا المنتج لمواجهة احتياجات وطنية ملحة يصعب تلبيتها من خلال الاحتكارات والأسعار التى تفرضها الشركات العالمية الكبرى صاحبة البراءة.

- إحتكار براءات على مكتشفات فى جسم الإنسان. طبقاً للتريبس فإنه تمنح براءات (بمثابة احتكارات) بخصوص التتابعات الجينية المسئولة عن المتغيرات المرضية فى جسم الإنسان. إن البراءة الممنوحة هنا لا تمثل مجرد اعترافاً بسبق فى المعرفة العلمية بقدر ما تمثل فرصة لاحتكار أمر ما يتصل بمرض يمكن أن يحدث لأى إنسان فى أى مكان على سطح الكرة الأرضية.

- التحديات التى تجابه صناعة الدواء العربية هي تحديات خارجية، وتحديات ذاتية. حيث ان التحديات الخارجية تتضمن الابعاد الإدارية والتقانية تتمثل في حجم السوق الدوائية العربية بالنسبة للسوق الدوائية العالمية، وأخرى مرتبطة بأبعاد اتفاقيات التجارة العالمية وعلى وجه الخصوص اتفاقية حقوق الملكية الفكرية، والتي تتمثل في إتاحة النفاذية للأسواق، الالتزام بالمواصفات المقبولة عالمياً، حماية حقوق الملكية الفكرية.

- تعاني الصناعات الدوائية العربية بشكل عام من غياب رؤية إستراتيجية وطنية أو عربية لتطوير صناعة الدواء، م شركات دوائية وطنية بمشاركة كونسوريتوم أمريكى فى إنشاء شركة لبحوث وتطوير الدواء فى غيبة سياسات أو تكتلات أو تحالفات بحثية وطنية، وتأخر نمو صناعة الخامات الدوائية، وكذلك التأخر فى تنظيم الصناعة الدوائية القائمة على التكنولوجيات الحيوية، للرضا بالتنافسية المحلية داخل رقعة استهلاكية محدودة، غيبة التنسيق بشأن خطط وتوجهات الإنتاج وهو الأمر الذى يؤدى إلى تشابه المنتجات، غياب إستراتيجية عربية للتسويق المحلى والخارجى، ضعف مستويات الجودة عند الأخذ فى الاعتبار التنافسية العالمي، دخول شركات عالمية لشراء شركات وطنية ونجاحها فى ذلك عدة مرات.

الخلاصة:

إن الانضمام للمنظمات العالمية المختصة بإدارة العلاقات الاقتصاجية والتجارية في العالم اليوم سيكون بالنسبة لفلسطين، قد لا يكون مفيد او مجدي بل على العكس قد نصبح في المرحلة الاولى الصناعات الواعدة مثل صناعة الدواء والتي ستفقد جزء من مزاياها التنافسية لصالح الشركات العملاقة الخارجية التي تتمتع بظروف موضوعية وذاتية أفضل بكثير، ولذا يجب أخذ جميع التدابير اللازمة وحسب ما يتاح في شروط الانضمام لهذه المنظمات لحماية هذه الصناعات لعدد من السنوات ما بعد الانضمام، ولابد من تطوير السياسات التجارية والصناعية الفلسطينية بما يتلائم والاحتياجات والظروف السائدة في الاقتصاد الفلسطيني.