مؤتمر 'تركيا بوابة فلسطين' .. مشاريع واتفاقيات تعاون برسم التنفيذ



اعلن خلال مؤتمر 'تركيا بوابة فلسطين إلى العالم' فعالياته الرسمية في اسطنبول،  عن مشاريع بعشرات ملايين الدولارات، ومذكرات تعاون هدفها استقطاب فلسطينيي الشتات ورجال أعمال أتراك للاستثمار في فلسطين.

وأعلن رجل الأعمال الفلسطيني، المقيم في الولايات المتحدة، فاروق الشامي عن رصد عشرة ملايين دولار لاستثمارها في فلسطين، فيما قدم مازن الحساسنة، رئيس اتحاد رجال الاعمال الفلسطيني التركي ثلاثة مشاريع استثمارية امام المشاركين، في قطاعات: التعليم، والبنى التحتية، والسياحة، ينتظر أن تكون محور محادثات بين رجال اعمال فلسطينيين، من الداخل والشتات، ونظراء اتراك، في مسعى لإنجاز شراكات قادرة على تنفيذها.

وبدأت الجلسات الرسمية للمؤتمر بمشاركة نحو 600 رجل اعمال فلسطيني قدموا من نحو 30 دولة، ورجال اعمال اتراك، اضافة الى نحو 40 مؤسسة اعمال فلسطينية وتركية، بحضور نائب رئيس الوزراء، وزير الاقتصاد الوطني السابق محمد مصطفى، ونظيره التركي نهاد زيبكجي، ورئيس المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والاعمار 'بكدار'، محافظ فلسطين في البنك الاسلامي للتنمية محمد اشتية، والقائم بأعمال سفير فلسطين لدى تركيا نبيل السراج.

في التفاصيل، فإن صوامع للغلال، ومركز خدمات سياحية وفنادق، وجامعة،  كانت مشاريع مطروحة أمام المشاركين كفرص للاستثمار فيها، فيما تعهد مصطفى وزيبكجي، باسم حكومتي البلدين، بتقديم كل ما هو ممكن لتسهيل الشراكات بين رجال الاعمال الفلسطينيين والاتراك، ورفع التبادل التجاري بين البلدين، دون اغفال الصعوبات الناجمة عن الاحتلال وممارساته.

وقال مصطفى 'عنوان تركيزنا في المرحلة المقبلة تعزيز قطاع الصناعة بما يمكن من رفع مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي من حوالي 15% حاليا الى 25% خلال السنوات المقبلة'.

واضاف: في هذا الجهد، هناك العديد من المناطق الصناعية، أنشئت أو قيد الانشاء، وهي أحد اعمدة البنية التحتية الضرورية لتحقيق هذا الهدف، كذلك، فإن تطوير قطاع الطاقة عنصر مهم ايضا، ولدينا برنامج كبير جدا لتطوير هذا القطاع.

وقال مصطفى إن الحكومة تولي اهمية كبيرة لتنظيم السوق الداخلية 'ليس فقط للحد من تسرب منتجات الاحتلال، إنما ايضا لضمان فرصة عادلة للمنتجات المحلية ورفع شأنها.

وشدد على أهمية اعادة الربط الشامل لقطاع غزة بالضفة الغربية، باعتبارهما وحدة اقتصادية واحدة، مؤكدا أن 'الرئيس محمود عباس وحكومته، ملتزمون بتحقيق هذا الهدف، وهناك تصميم كبير على ألا تثنينا الصعاب'.

وأكد التزام الحكومة بإعادة اعمار قطاع غزة 'رغم شح الموارد المتاحة لها وتلكؤ المانحين في الوفاء بالتزاماتهم، كما اكد تصميم القيادة على الاستثمار في القدس، عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة، داعيا الى وضع 'خطة لاعادة اعمار المدينة'.

استحقاقات مهمة

من جهته، لفت اشتية الى جملة من الاستحقاقات خلال الاشهر المقبلة، يجب مراعاتها عند الحديث عن الاستثمار والاقتصاد، أبرزها الانتخابات الاسرائيلية، واحتجاز اسرائيل لعائدات الضرائب، واعادة اعمار قطاع غزة، وعضوية فلسطين في محكمة الجنايات الدولية، واجتماع المجلس المركزي الفلسطينيوقال: هذه محطات مهمة يجب مراعاتها ونحن نتحدث عن الاستثمار.

اما فيما يختص بعائدات الضرائب، قال اشتية، 'إن لم تحول اسرائيل هذه المستحقات، فإنها ستدفع ثمنا كبيرا'.

وقال اشتية إن الهم الاساسي للقيادة في هذه المرحلة، يكمن في 'كسر سياسة الامر الواقع التي تمارسها اسرائيل، حيث تنقص ارضنا حوالي ألفي دونم شهريا، ويضاف اليها حوالي ألفي مستوطن شهريا، وهذا لا يمكن ان يستمر . لهذا نحن دوّلنا الصراع، ونحن ماضون في محاكمة اسرائيل على جرائمها'.

ودعا رجال الاعمال الفلسطينيين في الشتات الى الاستثمار في فلسطين، 'فلا تنقصنا الاموال مع وجود نحو 8 مليارات دولار ودائع لدى البنوك، ونحو 3 مليارات دولار قيمة الشركات في بورصة فلسطين'.

تركيا في مقدمة الداعمين لفلسطين

من جهته، جدد زيبكجي التزام تركيا بأن تبقى على رأس الداعمين لفلسطين واقتصادها، مشددا على أن حكومته تقوم بكل ما يلزم في هذا الاتجاه.

وقال: 'لا نكتفي بالحديث عن الاقتصاد فقط، فهناك ظلم وشعب يتعرض لإرهاب الدولة، وأطفال يقتلون بصواريخ الاحتلال وهم يلعبون على شاطئ غزة، وأكثر من ألفي انسان بريء استشهدوا، وعلى مدى 50 يوما، ارتكبت اسرائيل ابشع الجرائم' في العدوان الاخير على قطاع غزة.

وأضاف: إسرائيل تمارس ارهاب الدولة، وللأسف، هناك جهات تصفق لهذا الارهاب، حتى بعض الاصدقاء يصمتون. الكل يعترف بشعب فلسطين، وبدولة فلسطين، ولكن عند السؤال اين الدولة؟ فالكل يصمت.

واستدرك قائلا: 'ان كل ما يحدث يجب ألا ينسينا العمل من اجل السلام بدبلوماسية، فالسلاح هو الملجأ الاخير'.

من جهته، قال مازن الحساسنة، رئيس اتحاد رجال الأعمال الفلسطيني التركي، منظم المؤتمر، 'إن تركيا تحتضن أربعين مؤسسة اقتصادية وعديد المؤسسات التركية، ومئات رجال الاعمال الرياديين، ليرسموا معا مسارا اقتصاديا تشكل فلسطين محطة الوصول فيها'.

واعرب عن تقديره للرعاية التركية للمؤتمر رسميا وعلى صعيد مؤسسات القطاع الخاص، معتبرا ان 'وجودكم معنا اليوم يزيد من كبريائنا، وتحالفكم وتعاضدكم لا بد ان يسيطر على ادبيات ومحاور هذا المؤتمر'.

واستذكر الحساسنة المواقف التركية، التي كانت دائما في طليعة الداعمين لحقوق الشعب الفلسطيني، حتى صار المزاج الفلسطيني التركي في حالته القصوى، 'وانعكس ايضا واقعا اقتصاديا نموذجيا، فالشراكات متعددة بين رجال الاعمال من الجانبين، والاستثمارات الفلسطينية في تركيا كبيرة ومنتشرة، والمستورد الفلسطيني بات يفضل المنتج التركي عن غيره، لتصبح تركيا ثالث اكبر دولة مصدرة الى فلسطين'.

واضاف مخاطبا وزير الاقتصاد التركي 'للحفاظ على هذه الحالة المتميزة، اضع بين ايديكم بعض الرؤى والاقتراحات لسد الفجوات في الجدار التركي الفلسطيني الحصين، أبرزها تسهيل قدوم رجال الاعمال الفلسطينيين الى تركيا برفع فترة تأشيرة الدخول، ورفع عدد السلع الفلسطينية المعفاة من الجمارك ومعاملتها كالمنتج التركي، وعدم اعتبار الوكيل الاسرائيلي وكيلا للمناطق الفلسطينية'.

من جهة اخرى، شدد الحساسنة على ان رجال الاعمال الفلسطينيين في تركيا ينأون بأنفسهم عن اية تجاذبات سياسية، 'فغايتنا دوما زيادة الرصيد التوافقي من خلال اسلوب مؤسساتي عنوانه اقتصاد قوي بقيمة وطنية'.

استثمار وليس معونات

بدوره، حث رئيس اتحاد جمعيات رجال الاعمال في فلسطين سمير زريق رجال الاعمال الفلسطينيين في الشتات، وكذلك الاتراك على تخصيص جزء من رؤوس اموالهم للاستثمار في فلسطين.

وقال 'خطابنا لكم اليوم ليس للتبرع لفلسطين، وانما الاستثمار فيها، فرغم المخاطر، الا ان هناك عوائد على هذا الاستثمار. مواردنا محدودة، لكن باستثماراتكم نعظم هذه الموارد ونسرع عجلة التطوير وبناء اقتصاد فاعل'.

واستعرض زريق جهود الاتحاد في هذا المجال، من تشكيل للمؤسسات والاطر المختصة، وتوقيع اتفاقيات تعاون مع مجالس وتجمعات رجال الأعمال الفلسطينيين في عديد الدول، والمبادرة إلى تأسيس منتدى الاعمال الفلسطيني العالمي، ليكون مرجعية كل الاتحادات والجمعيات.

وقال إن المشاركة الواسعة في المؤتمر 'تحمل في طياتها رسالة الى اهلنا في فلسطين، بأن اصحاب الاعمال يحملون همهم ويعملون من اجل فلسطين وشعبها، وتبرز التلاحم بين كافة ابناء الشعب الفلسطيني باتجاه دولة فلسطينية مستقلة، باقتصاد فاعل، قادر على حماية مكتسبات الشعب وانجازاته'.

واضاف: هذا المؤتمر، وغيره من المؤتمرات، فرصة لبناء شراكات اقتصادية حقيقية فاعلة، تثمر مشاريع تنموية تسهم في تطوير الاقتصاد وتوفير فرص عمل ورفع مستوى المعيشة لمختلف شرائح المجتمع، وفي نفس الوقت، تحقق العوائد المرجوة للاستثمار.

وتابع: ان التجارب العديدة في فلسطين على مدى سنوات طويلة سجلت قصص نجاح متميزة على مختلف الاصعدة، وفي شتى مجالات الاستثمار، رغم كل القيود والعوائق، وقد اثبتت هذه التجارب ان الاستثمار في فلسطين يشكل نموذجا مجديا، وبيننا اليوم العديد ممن يمثلون قصص النجاح هذه'.

مبادرات استثمارية

وفي كلمة له في افتتاح المؤتمر، أعلن رجل الاعمال الفلسطيني، المقيم في الولايات المتحدة، فاروق الشمامي، عن رصد 10 ملايين دولار للاستثمار في فلسطين.

وقال 'كيف نتحدث عن صمود دون توفير وظائف للخريجين الجدد؟ علينا العودة الى فلسطين لضخ الاموال، وليس لسحبها'.

واضاف: الفلسطينيون حققوا نجاحات كبيرة في كل دول العالم، والان فلسطين تناديهم للاستثمار فيها وبناء اقتصاد مستقل. ادعو كل فلسطيني مغترب للعودة الى فلسطين، والمشاركة في مؤتمر سيعقد في نيسان المقبل'.

فلسطين بوابة تركيا الى العالم الاسلامي

وكان منظمو المؤتمر عقدوا جلسة افتتاح غير رسمية لأعمال المؤتمر،  بمشاركة ارشاد هورمزلو، مستشار رئيس الجمهورية السابق عبد الله غول، الذي اعتبر ان 'فلسطين هي بوابة تركيا الى العالمين العربي والاسلامي'، في محاكاة لشعار المؤتمر 'تركيا بوابة فلسطين الى العالم'، مجددا دعم انقرة المطلق للشعب الفلسطيني.

وقال: هناك خلاف بين الاتراك على كل شيء: من السياسة الى كرة القدم، لكنهم متفقون على شيء واحد هو حب فلسطين. الشعب التركي ينظر بعين التقدير والاحترام إلى نضال الشعب الفلسطيني، وصولا إلى اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف التي تستقر في وجدان وقلب وعقل كل تركي'.

ونقل هورمزلو تحيات رئيس الوزراء التركي احمد داوود اوغلو للمشاركين في المؤتمر، متمنيا لهم النجاح في التعاون بما يخدم فلسطين والتجارة البينية وتنمية الشراكات.

من جانبه، دعا رئيس المؤتمر زياد الدهليز،  رجال الاعمال والمستثمرين الفلسطينيين في الداخل والخارج إلى خلق اقتصاد تنموي وفاعل، من خلال انشاء علاقة اقتصادية أكثر اتساعا وشمولية على الصعيد المحلي من خلال الشركات الفلسطينية الفلسطينية، وخارجيا من خلال شراكات فلسطينية تركية.

وأكد أن الاقتصاد الفلسطيني بحاجة إلى وقفة جدية من قبل كافة الفعاليات الاقتصادية سواء كانت على صعيد الافراد او على صعيد المؤسسات الاقتصادية ورؤوس الاموال، بهدف احداث نهضة استثمارية وصناعية داخل الوطن، بتمويل من رأس مال فلسطيني، وعقد شراكات مع مستثمرين عرب واتراك.